في شهر آذار من كل عام تتفتح ازهار الربيع و تبتهج الدنيا بأسرها لقدوم هذا الشهر بمباهجه و خيره تعم على جميع الشعوب و البشرية ، وتشع شمسه الدافئة على شعوب المنطقة ، و يستبشر الناس بقدومه الخير ، و بمسحة من التفائل و الأمل و الحب و الحنان بينما بالنسبة للشعب الكردي شاءت الاقدار ان يكون هذا الشهر الوضاء مسرة و مفرحة و شؤما في آن واحد ، ففي 21 من آذار يحتفل شعبنا الكردي بذكرى عيد النوروز ، رأس السنة الكردية حدث في كردستان وبلاد ما بين النهرين موطن اول انسان على الارض قبل 2698 الانتفاضة الكردية العظيمة بقيادة الزعيم الروحي للاكراد كاوا الحداد للقضاء على الظلم و الطغاة ، لان بطش حاكم الاشوريين انذاك على البلاد جعل من الناس ان لا يلفظوا اسم الاشوريين و انما سموهم بالتنين لبطشهم و ظلمهم على الناس و القوميات الاخرى و التنين تعني باللغة الكردية ازدها،وبعدذلك تحول من الناحية اللغوية الى ازدهاك ،وان الرواية التي تداول بين ابناء شعبنا الكردي انه كان (ajdaha)
هناك ملك اسمه ازدهاك مرض و خرج في راسه ثعبين الا اسطورة كما قالها الكثيرين من الباحثين و المفكرين و من بينهم استاذنا الدكتور عبدالباسط سيدا قبل عشرين سنة ،و المعنى الحقيقي لعيد النوروز هو القضاء على ظلم و بطش الحاكم انذاك و الانتفاضة الشعبية الحقيقية ضده بقيادة كاوا الحداد ، و انعم البلاد بالحرية و الديمقراطية ، لذلك فان الاحتفال بعيد النوروز عند الشعب الكردي اتخذ طابعا ابعد من كونه احتفالا عاديا بقدوم الربيع كما يحتفل به الكثير من شعوب الشرق الاوسط ، و انما اتخذ الطابع القومي الذي يرى فيه الكرد انفسهم لانهم انذاك احسوا بحريتهم و كرامتهم بسبب خلاصهم من الظلم و الطغاة بقيادة قائدهم الفذ كاوا الحداد ، و يرى فيه الكرد انفسهم و يحيون عادات اجدادهم الكرد في نيل الحرية و الخلاص من العبودية و الظلم و الاستبداد في هذا اليوم ، و لهذا السبب فان جميع السلطات الامنية و الاستخباراتية منعت الاكراد من الاحتفال بعيد النوروز في كافة ارجاء كردستان و خارجها .ولكن بتصميم و ارادة الشعب الكردي تمكن من انتزاع هذا الحق من السلطات الاستبدادية ويحتفل الشعب الكردي في جميع اجزاء كردستان في تجمعات شعبية كبيرة من خلال الدبكات و الرقص و اشعال النيران فوق قمم الجبال و الاماكن المرتفعة للدلال على انتصار الشعب الكردي وراح ضحية هذا الانتزاع العشرات من الشهداء و كان الشهيد سليمان ادة واحدا من الشهداء الذي سقط امام القصر الجمهوري في دمشق .
و ان الشعب الكردي كما جميع الشعوب و الامم و القوميات على وجه المعمورة تسعى الى التمتع بحريته و استقلاله وبحقوقه الانسانية الكاملة في جميع النواحي الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية و التعليمية و السياسية و الصحية و المساهمة الفعلية في الممارسة السياسية من خلال الانتخابات الحرة و النزيهة لتقرير مصيره السياسي و التعبير عن رائيه و معتقداته بالطرق السلمية ، مستهدفة مصالحه الوطنية و القومية للعيش مع باقي الدول و الشعوب بسلام و تبادل المصالح المشتركة بينهما ، لان دلالات عيد النوروز عند الشعب الكردي تعني الحرية و المساواة و السلم بين الشعوب لا النزاعات و الحروب و الاقتتال كمان تسعى الى ذلك الانظمة الاستبدادية و الديكتاتورية و الفاشية ،لان الشعب الكردي يعتبر رابع شعب من حيث عدد السكان في منطقة الشرق الاوسط بعد العرب و الفرس و الترك حيث يتراوح تعداد سكانهم ما بين اربعين الى خمسين مليون نسمة موزعين بين خمس دول : تركيا و العراق و سوريا و ايران و الاتحاد السوفيتي سابقا بالاضافة الى المهاجرين و المهجرين الى دول اوروبا و العالم اجمع ، و الشعب الكردي و هذا العدد الهائل من السكان حرم من ابسط الحقوق الانسانية في جميع الدول المغتصبة لكردستان ، ما عدا الاكراد في كردستان العراق بعد الانتفاضة الكردية في شهر آذار ايضا في عام 1991 و حصلت بموجبها شبه استقلال ذاتي بعد الحماية الدولية و انسحاب القوات العسكرية و الامنية للسلطة الصدامية الفاشية في بغداد من جميع المناطق الكردية ، على الرغم ان الشعب الكردي حتى الان محروم من الاشتراك و التمثيل في هئية الامم المتحدة و محروم من كيان مستقل يتمتع بحقوقه الانسانية كباقي الامم و الشعوب رغم محاولات موثقة بمعاهدات و اتفاقيات سابقة في الشأن الكردي مثل معاهدة سيفر عام 1921 ، و جمهورية مهاباد ، و اتفاقية 11 آذار ، و من اجل الحرية و التمتع بحقوق الانسانية و الديمقراطية قدم الشعب الكردي آلاف الضحايا في جميع اجزاء كردستان و امطروا ارض كردستان بدماء الشهداء الغالية بدل الامطار و كما قال شاعرنا الكبير عبدالله بيشوا ان كل شبر من ارض كردستان يوجد فيه شهيد ، لمحاربة السياسات العنصرية و الفاشية للانظمة الرجعية الاستبدادية و الديكتاتورية و العنصرية في المنطقة ، و تعرض الشعب الكردي في مرات عديدة الى عمليات الابادة الجماعية و التهجير القسري منذ اكثر من قرن ، و تم القضاء على الثورات و الانتفاضات الكردية بطرق تآمرية دنيئة من قبل الانظمة المتسلطة على رقاب الشوب ، و مارست ضد الشعب الكردي سياسات الاستعمارية (( فرق تسد )) ؟و نذكر من المجازر التي ارتكبت بحق الشعب الكردي اعدام الشيخ سعيد بيران بعد اخماد ثورته ، اعدام الشهيد القاضي محمد بعد القضاء على جمهوريته في مهاباد و التي دامت حوالي 11 شهر بمؤامرة دولية ؟ و القضاء على الثورة الكردية في كردستان العراق بقيادة الزعيم الكردي ملا مصطفى البارزاني من خلال اتفاقية الجزائر الخيانية بين صدام حسين و شاه ايران ، و محاولة القضاء على الثورة الكردية في كردستان تركيا منذ الثمانيات من خلال خلق حماة القرى و حزب الله من الاكراد لمحاربة ثوار الاكراد في الجبال و المدن ، و لكن كل هذه المجازر و الشهداء لم ينقص من عزيمة الشعب الكردي ، و تمكن ابناء كاوا الحداد و صلاح الدين الايوبي من الاستمرار في النضال و التضحية من اجل تحقيق آمال شعبنا ، و هذا لم يروق للانظمة الفاشية و العنصرية ، فقامت النظام الفاشي البائد بعمليات الانفال القذرة و(( باسم القرآن الكريم )) ، التي بلغت ضحاياها اكثر من مائة و اثنين و ثمانين ألف مواطن و مواطنة من ابناء صلاح الدين ؟ و كذلك استخدام الاسلحة الكيماوية المحرمة دوليا في مجزرة مدينة حلبجة و خورمال بالغازات السامة و التي راح ضحيتها اكثر من خمسة آلاف نسمة ( بين اطفال و شيوخ و نساء ) و ضعف هذا العدد من الجرحى و المشوهين ، و مازال حتى الآن آثارها تلاحق الانسال ؟
و عندما تهل علينا آذار لابد من ذكر آماله و ألامه ، بحزنه و فرحه ، بماضيه الذي لا يخلو من دماء شعبنا الكردي الطاهرة على ثرى كردستان ، لان اسم الكرد اقترن بشهر آذار من كل عام ، لان هذا الشهر تضمن العديد من المناسبات المفرحة و المؤلمة او المحزنة للشعب الكردي ، ففي هذا الشهر تعرض الشعب الكردي الى ابشع انواع و صنوف الجرائم و الابادة الجماعية و هو شهر تضمن مناسبات مفرحة و اعيادا مايزال يتذكرها و يحيها شعبنا الكردي متجاوزين جروحهم منادين بالسلام و ينشدون بالتسامح من موقع القوة و ليس من موقع الضعف . ففي هذا الشهر حصلت جريمة الابادة الجماعية و مجزرة حلبجة و التي راحت ضحيتها اكثر من خمسة الاف مواطن مدني قتلوا بالغازات السامة و الاسلحة الكيماوية و اكثر من ذلك جرحى و مشوهين في 16 آذار عام 1988 ، و في 14 آذار عام 1903 ، ولد القائد الخالد ملا مصطفى البارزاني في قرية بارزان و في 1 آذار عام 1979 ، توقف قلب المرحوم البارزاني في المنفى ، و في 5 آذار عام 1991 ، انطلقت شرارة الانتفاضة الباسلة في كردستان العراق ضد حكم الطاغية و تحررت كردستان من الحكم العنصري الصدامي ، و في 6 آذار عام 1975 ، وقع صدام حسين مع شاه ايران اتفاقية الجزائر الخيانية التي فرط بموجبها النظام الفاشي العراقي بنصف شط العرب لقاء تخلي شاه ايران عن دعم الثورة الكردية ، و في 9 آذار توقف قلب المطرب الكردي المشهور محمد شيخو في مدينة القامشلي نتيجة تعرضه للضغوط النفسية و محاربته في لقمة العيش من قبل النظام البعثي الاسدي ، و في 11 آذار من عام 1970 ، ولدت اتفاقية آذار و التي تم من خلالها الاعتراف بالحكم الذاتي للشعب الكردي ، بين الحكومة العراقية بقيادة الرئيس العراقي الراحل احمد حسن البكر و بين الزعيم الكردي المرحوم ملا مصطفى البارزاني و تضمنت الاتفاقية مبدأ الاعتراف الرسمي في نص الدستور العراقي بحقوق الشعب الكردي و منحهم الحكم الذاتي ضمن منطقة كردستان العراق وورد في نص المادة على ان الشعب العراقي يتكون من قوميتين رئيسيتين هما القومية العربية و القومية الكردية ، و اقر ذلك الدستور من خلال الاعتراف بحقوق الشعب الكردي القومية . لقد اعترفت الحكومة العراقية بالحقوق مع تقديم ضمانات للكرد بالمشاركة في وزارات الحكومة بوزراء كرد ، و من خلال الاتفاقية اعترفت الحكومة العراقية و اقرت بالحقوق الثقافية للشعب الكردي و من خلال ممارسة حقوقهم في التكلم باللغة الكردية و التعامل بها في كردستان و انها اللغة الثانية في البلاد الى جانب اللغة العربية ، و لكن بقيت مسألة كركوك موضع خلاف على ان يتم الاتفاق على حلها فيما بعد ؟ من خلال اجراء احصاء للسكان ليحدد هوية المدينة و طبيعتها الاثنية و العرقية و عدد سكانها و من هم الغالبية فيها ، هل هم الكرد ام العرب ام التركمان ؟ ولان الاكراد كانوا واثقين من نتائج الاحصاء السكاني لصالحهم ، و لمعرفتيهم و يقينهم ان مدينة كركوك مدينة كردية تاريخيا و هي مسألة لا تقبل الجدل و النقاش من خلال التركيبة السكانية على الواقع و لا تقبل المساومة من قبل زعيم الكرد المرحوم ملا مصطفى البارزاني في ذلك الوقت ، و حتى الان لا يقبل زعماء الكرد في كردستان العراق المساومة عليها لذلك يصرون على تطبيق المادة 140 من الدستور العراقي بعد سقوط النظام الفاشي البائد ، الا ان نظام الحكم البعثي الفاشي انذاك كان يبيت نوايا خبيثة منذ اول يوم لتوقيعه على هذه الاتفاقية ، فبدأ النظام العفلقي بالالتفاف على اتفاقية آذار من خلال حملة شرسة ، بدأت بتهجير الكرد الفيليين الذين كانوا يمثلون الدعم و الظهير القوي للحركة الكردية المسلحة ، ثم بدأ المسلسل بتعريب مدينة كركوك و اقتطاع اجزاء منها و اعادة ترسيم حدود المدينة من خلال تقطيع اوصالها و ربطها بمحافظات اخرى و استحداث محافظة تكريت و ذلك للعمل على تغيير التركيبة السكانية و الجيوسياسية للمدينة بشكل بشع من خلال تغيير القومية الكردية للمواطنيين و الغاء الهوية الكردية للكثير من سكنة كركوك الاصليين و جلب عوائل عربية من مدن الجنوب و من المدن الغربية من البدو و اسكانهم في محلهم و محاربة الكرد في زراعتهم و عملهم و الاعتداء عليهم و اهانتهم و نقلهم بشكل قسري الى المحافظات الجنوبية في محاولة لئيمة لتغيير التركيبة السكانية للمدينة و من ثم تغير اسمها الى التأميم و محاولة عزل المحافظات الكردية عن كركوك كما تم عزل كركوك عن كل ما هو كردي ؟ لذلك فان الحكومة و البرلمان و رئيس اقليم كردستان مصرين على تطبيع الاوضاع في كركوك و و اعادة الاوضاع الى ما قبل 1970 ، من خلال المادة 140 من الدستور العراقي . ومن ثم اجراء الاحصاء السكاني و تحديد هوية المدينة ؟ على الرغم ان هذه السياسات الاستيطانية و تغيير ملامح الجيوسياسية مورست من قبل جميع الانظمة الاستبدادية و الفاشية و الرجعية في كافة اجزاء كردستان للقضاء على كردستانية الشعب الكردي حتى ؟ و في 12 آذار عام 2004 ، انطلقت شرارة الانتفاضة الكردية من مدينة القامشلو الجريحة ، حيث سطر ابطالها ببسالتهم و كبريائهم اروع انتفاضة دخلت التاريخ الكردي و لتمد خلال ساعات قليلة لكافة المدن الكردية و السورية ، حتى قلب العاصمة دمشق لتلبية نداء الحرية التي لم و لن تنطفىء ، و لتخرج معها كل مدن كردستان في باقي اجزاء كردستان متضامنة منددة بجرائم النظام و سياسته العنصرية و الاستبدادية بحق ابناء شعبنا الكردي ، ممزقة الحدود المصطنعة و الخرائط الوهمية ، لتؤكد للحكومة البعثية و العالم اجمع بان الدم الكردي واحد اينما كان ؟ جاءت انتفاضة شعبنا الكردي نتيجة لتراكمات ظلم و استبداد و قمع مورست ولازال من قبل جلاوزت الانظمة الاستبدادية الشمولية المتعاقبة على السلطة في سوريا بشكل عام و الشعب الكردي بشكل خاص .و في 30 آذار كانت اعواد المشانق في مهاباد يترنح عليها ابطال الكرد ؟
ولكن في هذه السنة يحتفل الشعب الكردي باعياد النوروز و كلهم امل في جعله يوم العالمي للتضامن مع الشعب الكردي من خلال النداء بعقد مؤتمر دولي للقضية الكردية لاحلال السلم و الاستقرار في المنطقة ؟